السبت، 22 أغسطس 2009

1- الأعمال بالنيات

قال الإمام البخاري في الصحيح : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) [صحيح البخاري - رقم 1]

وقال الإمام البخاري أيضا في الصحيح : حدثنا عبد الله بن مسلمة قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( الأعمال بالنية ولكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) [صحيح البخاري - رقم 54] ، والحديث ذكره الإمام مسلم في الصحيح [رقم 5036] وذكره ابن حبان في صحيحه [رقم 388] وذكره غيرهم من رواة الحديث كثيرون .

قوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات :

علمنا منه أن كل عمل لابد أن تصاحبه نية وأنه لابد لكل نية ان يصاحبها عمل ، وحينها يحاسب الله عز وجل الإنسان على نيته . ويثتثنى من قاعدة اقتران كل نية بعمل : من نوى أن يعمل عملا صالحا فمنعه عنه مانع قهري مثل من نوى ان يتصدق فسرقت امواله فهذا يدخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بحسنة فعملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة ضعف ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب وإن عملها كتبت ) [صحيح مسلم – رقم 354] .

قوله صلى الله عليه وسلم : وإنما لكل امرئ ما نوى :

علمنا منه أن كل إنسان ينال أجره من الله عز وجل على مقدار إخلاص نيته لله عز وجل وتنقية قلبه ونيته من أي شئ آخر سوى الله عز وجل ، ولهذا ينبغي أن يحرص المسلم على مراجعة نيته أولا بأول وان يكون حريصا على تجديدها ليكون أكثر قربا من الله عز وجل ومن النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة .

قوله صلى الله عليه وسلم : فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه :

ومنه علمنا أن النية التي تصاحب العمل قد تتسبب في واحد من ثلاثة أشياء :

الأول : الأجر : فينال صاحب العمل أجره من الله عز وجل إن كان مخلصا لله في عمله .

الثاني : الوزر : إن عمل عمل صالحا ولكن نيته فيها هي رياء الناس والمباهاة أمامهم بأعماله الصالحة فهذا يأثم ويعاقبه ربنا سبحانه وتعالى يوم القيامة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضى بينهم وكل أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ورجل قُتِلَ فى سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولى قال بلى يا رب قال فماذا عَمِلْتَ فيما عُلِّمْتَ قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله له بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك وَيُؤْتَى بصاحب المال فيقول الله له أَلَمْ أُوَسِّعْ عليك حتى لم أَدَعْكَ تحتاج إلى أحد قال بلى يا رب قال فماذا عَمِلْتَ فيما آتَيْتُكَ قال كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جَوَادٌ فقد قيل ذلك وَيُؤْتَى بالذى قُتل فى سبيل الله فيقول الله فى ماذا قُتلت فيقول أُمِرْتُ بالجهاد فى سبيلك فقاتلت حتى قُتلت فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جرىء فقد قيل ذلك ، يا أبا هريرة : أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ) أخرجه ابن المبارك (رقم 469) ، والترمذى (رقم 2382) وقال : حسن غريب . والحاكم (رقم 1527) وقال : صحيح الإسناد . وابن جرير الطبري فى تفسيره ، وابن خزيمة (رقم 2482) ، وابن حبان (رقم 408) .

والثالث : المنع والحرمان : فتحرمه النية من الأجر وإن لم يتحمل بسببها وزرا وهذا فيمن قام بعمل هو في ظاهره من الطاعات ولكنه قام به لمصلحة فردية ، ويمكن أن نفهم هذا لو علمنا سبب الحديث فقد نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس فسمي مهاجر أم قيس ، فهذا الرجل وإن لم يتحمل إثما أو وزرا بسبب هجرته من أجل الزواج بهذه المرأة إلا أنه لم ينل أجر الهجرة في سبيل الله عز وجل لأن نيته لم تكن لله عز وجل .

تنبيهات حول الحديث

إن الله عليم بذات الصدور : من المهم أن نؤكد هنا أن من يحاسب على النوايا هو الله عز وجل وأن من يعلم حقيقة هذه النوايا هو الله عز وجل وحده وليس ذلك لأحد من الخلق حتى ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك لا يحق لأحد أن يتهم احدا في نيته وإنما نحن في الدنيا نتعامل فيما بيننا على أساس ما يصدر من كل واحد منا من أفعال وأما النيات فأمرها إلى الله عز وجل .

نفسك والشيطان ، إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل :

كل إنسان إن لم يشغل نفسه بطاعة الله عز وجل وبتنقية قلبه ونيته من الشوائب التي قد يدخلها عليه الشيطان فإن الشيطان سيشغله بأي باطل يلهيه عن طاعة الله عز وجل حتى ولو كان هذا الباطل في أصله مباحا لأن الشيطان يمكن أن يكتفي في أول الأمر بأن يعيق المسلم عن طاعة الله عز وجل وتكون هذه هي البداية التي يجره بعدها إلى طريق المعصية وإغضاب الله عز وجل .

0 التعليقات:


Free Blogger Templates by Isnaini Dot Com and Wedding Dresses. Powered by Blogger